روائع مختارة | قطوف إيمانية | أخلاق وآداب | الكـــــرم...

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > أخلاق وآداب > الكـــــرم...


  الكـــــرم...
     عدد مرات المشاهدة: 2422        عدد مرات الإرسال: 0

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد/

قال حكيم بن حزام رضي اللّه عنه: ما أصبحت صباحا قطّ فرأيت بفنائي طالب حاجة قد ضاق بها ذرعا فقضيتها إلّا كانت من النّعم الّتي أحمد اللّه عليها، ولا أصبحت صباحا لم أر بفنائي طالب حاجة، إلّا كان ذلك من المصائب الّتي أسأل اللّه عزّ وجلّ الأجر عليها.

¤ قال جويرية بن أسماء: قطع برجل بالمدينة، فقيل له: عليك بحكيم بن حزام، فأتاه وهو في المسجد فذكر له حاجته، فقام معه، فإنطلق معه إلى أهله، فلمّا دخل داره رأى غلمانا له يعالجون أداة من أداة الإبل، فرمى إليهم بخرقة معه فقال: إستعينوا بهذه على بعض ما تعالجون، ثمّ أمر له براحلة مقتّبة محقّبة، وزاداً.

¤ قال ابن عمر رضي اللّه عنهما: أهدي لرجل رأس شاة، فقال: إنّ أخي وعياله أحوج منّا إلى هذا فبعث به إليه، فلم يزل يبعث به واحد إلى آخر حتّى رجعت إلى الأوّل بعد سبعة.

¤ قال أبو هريرة رضي اللّه عنه: ما إحتذى النّعال ولا إنتعل ولا ركب المطايا، ولا لبس الكور من رجل بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أفضل من جعفر ابن أبي طالب في الجود والكرم.

¤ قال عبد اللّه بن جعفر رحمه اللّه تعالى: أُمْطِر المعروفَ مطراً، فإن أصاب الكرام كانوا له أهلا، وإن أصاب اللّئام كنت له أهلا.

¤ قال الحسن بن عليّ رضي اللّه عنهما:

المروءة: حفظ الرّجل دينه، وحذره نفسه، وحسن قيامه بضيفه وحسن المنازعة، والإقدام في الكراهية.

والنّجدة: الذّبّ عن الجار، والصّبر في الموان.

والكرم: التّبرّع بالمعروف قبل السّؤال، والإطعام في المحل، والرّأفة بالسّائل مع بذل النّائل.

¤ قال أبو الأسود: دخل على الحسن بن عليّ رضي اللّه عنهما نفرٌ من أهل الكوفة وهو يأكل طعاما فسلّموا عليه وقعدوا، فقال لهم الحسن: الطّعام أيسر من أن يقسم عليه، فإذا دخلتم على رجل منزله فقرّب طعامه، فكلوا من طعامه، ولا تنتظروا، فتقدّم القوم فأكلوا، ثمّ سألوه حاجتهم فقضاها لهم.

¤ قال عبد اللّه بن الحارث: من لم يكرم ضيفه فليس من محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم ولا من إبراهيم عليه السّلام.

¤ قال السّلميّ رحمه اللّه تعالى: آداب الصّحبة على أوجه ذكر منها: صحبة الوالدين فقال: تكون ببرّهما بالخدمة بالنّفس والمال في حياتهما، وإنجاز وعدهما بعد وفاتهما، والدّعاء لهما في كلّ الأوقات، وإكرام أصدقائهما.

¤ قال محمّد بن سيرين رحمه اللّه تعالى: كانوا يقولون: لا تكرم صديقك بما شقّ عليه.

¤ قال أحمد بن عبد الأعلى الشّيبانيّ وأحمد بن عبيد العنيزيّ: إنّ عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب رضي اللّه عنهما كان في سفر له فمرّ بفتيان يوقدون تحت قدر لهم، فقام إليه أحدهم فقال:

أقوُلُ لَه حِين ألفيتُه *** عليكَ السّلامُ أبا جعفرِ

فوقف، وقال: السّلام عليك ورحمة اللّه.

قال:

وهَذي ثِيابي قد أخْلَقَتْ *** وقدْ عَضّنِي زمَنٌ مُنْكَرٌ

قال له: فهذي ثيابي مكانها، وكان عليه جبّة خزّ وعمامة خزّ.

فقال الرّجل:

وأنت كريمُ بَني هاشمٍ *** وفي البيت منها الّذي يُذكَرُ

قال له: يا ابن أخي ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.

¤ قال مالك بن دينار رحمه اللّه تعالى: المؤمن كريم في كلّ حالة، لا يحبّ أن يؤذي جاره، ولا يفتقر أحد من أقربائه، ويبكي وهو يقول: وهو واللّه مع ذلك غنيّ القلب، لا يملك من الدّنيا شيئا، إن أزلّته عن دينه لم يزلّ، وإن خدعته عن ماله إنخدع، لا يرى الدّنيا من الآخرة عوضا، ولا يرى البخل من الجود حظّا، منكسر القلب ذو هموم قد تفرّد بها، مكتئب محزون ليس له في فرح الدّنيا نصيب، إن أتاه منها شيء فرّقه، وإن زوي عنه كلّ شيء فيها لم يطلبه ويبكي ويقول: هذا واللّه الكرم، هذا واللّه الكرم.

¤ قال جعفر الصّادق رحمه اللّه تعالى: لا مال أعون من العقل، ولا مصيبة أعظم من الجهل، ولا مظاهرة كالمشاورة، ألا وإنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: «إنّي جواد كريم، لا يجاورني لئيم واللّؤم من الكفر، وأهل الكفر في النّار، والجود والكرم من الإيمان، وأهل الإيمان في الجنّة».

¤ قال عبد الرّحمن بن مهديّ رحمه اللّه تعالى: ليتّق الرّجل دناءة الأخلاق كما يتّقي الحرام، فإنّ الكَرَمَ دِينٌ.

¤ قال محمّد بن يزيد الواسطيّ: حدّثني صديق لي، أنّ أعرابيّا إنتهى إلى قوم فقال: يا قوم أرى وجوها وضيئة، وأخلاقا رضيّة، فإن تكن الأسماء على أثر ذلك فقد سعدت بكم أمّكم، تسمّوا بأبي أنتم، قال أحدهم: أنا عطيّة، وقال الآخر: أنا كرامة، وقال الآخر: أنا عبد الواسع، وقال الآخر: أنا فضيلة، فأنشأ يقول:

كَرَمٌ وبَذْلٌ واسعٌ وعَطيّة *** لا أينَ أذهبُ أنتُمْ أعْيُنُ الكَرَمِ

من كان بين فضيلة وكرامة *** لا ريب يفقؤ أعين العَدَمِ

قال: فكسوه وأحسنوا إليه وانصرف شاكرا.

¤ قال أبو سليمان الدّارانيّ: جلساء الرّحمن يوم القيامة من جعل في قلبه خصالا: الكرم والسّخاء والحلم والرّأفة والشّكر والبرّ والصّبر.

¤ قال الماورديّ رحمه اللّه تعالى: اعلم أنّ الكريم يجتزى بالكرامة واللّطف، واللّئيم يجتزى بالمهانة والعنف، فلا يجود إلّا خوفا، ولا يجيب إلّا عنفا، كما قال الشّاعر:

رأيتُك مثلَ الجَوْزِ يَمْنَع لبَّه *** صحيحاً ويُعطي خيرَه حين يُكْسَر

فإحذر أن تكون المهانة طريقا إلى إجتدائك، والخوف سبيلا إلى عطائك، فيجري عليك سفه الطّغام، وامتهان اللّئام، وليكن جودك كرما ورغبة، لا لؤما ورهبة.

¤ قال ابن تيميّة رحمه اللّه تعالى: إنّ الجميع يتمادحون بالشّجاعة والكرم، حتّى إنّ ذلك عامّة ما تمدح به الشّعراء ممدوحيهم في شعرهم، وكذلك يتذامّون بالبخل والجبن، ثمّ قال: ولمّا كان صلاح بني آدم لا يكون في دينهم ودنياهم إلّا بالشّجاعة والكرم، بيّن اللّه سبحانه أنّه من تولّى عنه بترك الجهاد بنفسه أبدل اللّه به من يقوم بذلك، ومن تولّى عنه بإنفاق ماله أبدل اللّه به من يقوم بذلك.

فقال: {ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ} [محمد: 38].

ثمّ قال رحمه اللّه:

وبالشّجاعة والكرم في سبيل اللّه فضّل اللّه السّابقين، فقال: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى} [الحديد: 10]، وقد ذكر الجهاد بالنّفس والمال في سبيله ومدحه في غير آية من كتابه، وذلك هو الشّجاعة والسّماحة في طاعته سبحانه وطاعة رسوله.

¤ قال ابن حجر رحمه اللّه تعالى: لا يقال للرّجل كريم حتّى يظهر ذلك منه، ولمّا كان أكرم الأفعال ما يقصد به أشرف الوجوه، وأشرفها ما يقصد به وجه اللّه تعالى، وإنّما يحصل ذلك من المتّقي، قال اللّه تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ} وكلّ فائق في بابه يقال له كريم.

¤ قال الشّيخ محمّد بن محمّد الغزّيّ رحمه اللّه تعالى: من آداب العشرة إيثار الإخوان بالكرامة على نفسه، ثمّ قال: قال أبو عثمان: من عاشر النّاس ولم يكرمهم، وتكبّر عليهم فذلك لقلّة رأيه وعقله، فإنّه يعادي صديقه ويكرّم عدوّه، فإنّ إخوانه في اللّه أصدقاؤه، ونفسه عدوّه.

¤ قال بعض الشّعراء:

ليس الكريمُ الّذي إن زَلّ صاحبُهُ *** بثّ الّذي كان من أسراره عَلِمَا

إنّ الكريمَ الّذي تبقى مودّتُهُ *** ويحفظ السِّرَّ إنْ صَافَى وإنْ صَرَمَا

وَآخِرُ دَعْوَانا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

المصدر: موقع الشيخ سعيد عبد العظيم.